الأحد، سبتمبر 02، 2012

نقد الناقد السياسي

بعد إنقطاع لعدة أشهر، أعود للتدوين بهذه المقالة كحصيلة لنقد ذاتي، و دعوة إلى التحرر من معتقدات و سلوكيات سلبية، تكون السبب في عدم بلوغ الناقد السياسي مبتغاه.   
أبدأ بالتذكير بقانون السببية الذي هو سنّة من سنن الله في الكون و الأنفس. فلكل ظاهرة أو حدث أسباب ذاتية و خارجية، و غالباً ما تكون الذاتية هي الأكثر تأثيرا، و منه أعاتب نفسي و كل مفكر حر يرمي إلى إصلاح المجتمع. فإذا لم نستطع تغيير الواقع فذالك ناتج عن عدم البلاغ المبين أو عدم إستعمال الوسائل الناجعة. 
النهوض بالمجتمع هو عمل من أسمى الأعمال، فيحث الدين و العقل المنطقي على إعمار الأرض و الحكم بالعدل. و هناك قاعدة تقول أن أي عمل هو نتاج إرادة و قدرة، و يتحقق و جوباً إذا إجتنبت الموانع.  
و القدرة تنقسم إلى شقين: قدرة مادية إستوفيت بوجود وسائل الإتصال و التواصل، و قدرة فهمية وجب تحصيلها بالبحث و الدراسة.  
أما الإرادة أو النية فهي موجودة عند فئات عريضة غير أنها لا تكون كاملة إلا بالتخلي عن الأفكار السلبية و المعتقدات الهدامة. 

أما الموانع فلايزال الكثير منها قائما، لذلك لم تتحقق النهضة المرجوة. أذكر بعضا منها وعيت مؤخراً بإشتراكها في العامة و الخاصة، المتقف و الأمي:

١-الموسمية و عدم الإستمرارية
ثارة يكون موضوع الساعة هو الصحة و المستشفيات، ثارة أخرى التعليم، ثم بعد أسابيع قليلة يتغير موضوع الساعة. المنهجية الصحيحة تقتضي عدم القفز إلى من مشكل إلى آخر قبل إستكمال نقده و تحليله، ثم معالجته.
خير العمل ما دام و لو قل، و كما يقول المثل المغربي: "قليل أُو مْداوم حسن من كثير أُو مقطوع".

٢-القدوة الحسنة 
الناقد يجب أن يكون قدوة و خصوصا مع محيطه، حتى يتسنى له القبول. خيركم خيركم لأهله و أنا خيركم لأهلي، كما قال رسول الله (ص). فمن غير المنطقي أن أنتقد الرشوة، و أسارع إلى إعاطائها لتفادي غرامة.

٣-إلقاء اللوم على الآخر
المجتمع العربي يلقي باللوم على الغرب و الإستعمار كسبب للتخلف، و الحقيقة أنه ما كنا لنستعمر لولا ضعف فينا. وهو الحال بالمغرب، يلقي الكثير من المواطنين و السياسيين باللوم على النظام السياسي الجزائري كسبب لمشكل الصحراء و الإرهاب! فلو تدبرنا تاريخ كوريا الجنوبية، وجدنها عانت من الحرب مع جارتها الشمالية و رغم ذالك حققت قفزة قلت نظيرتها في العالم. و على المستوى المهني، نعاتب رأساءنا و لا نحاول البحث عن ما يمكننا فعله. 

٤- القشور بدل اللب
المنهجية الصحيحة تقتضي التركيز على الأولويات ثم التدرج إلى الكماليات. و أستأنس بحكاية شعبية من سوس (منطقة أمازيغية أنحدر منها بالأطلس المتوسط المغربي): جاء إمام جديد لمسجد القرية، فوجد الناس يصلون بنعالهم فاغتاظ الإمام و قرر أن يذهب لتوبيخ سابقه، فلما إنتهى من كلامه،  أوضح له سابقه، ان الناس ما كانوا يأتون للمسجد إطلاقا، و فأدخلهم له و ليقم هو بجعلهم يزيلون نعالهم. 

٥- العصبية الفكرية و غياب العدالة العلمية

العصبية تهدم ولا تبني، تفرق و لا تجمع الشمل، فكيف ننهض بواقعنا و نحن مشتتون ضعفاء.
و يبدوا هذا جليا في عدم قدرتنا على الإعتراف بالمواقف و الأفكار الصائبة عند من يخالفنا في مذهبه أو طريقة تفكيره، و أيضاً، بتحميل طائفة بكاملها جرائم أشخاص ينتمون إليها.
الحكمة ضالة المسلم أينما وجدها فهي له و قال عز من قائل: "{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
}"

هذه النقط نزر يسير مما يمكن ذكره ها هنا، أرجوا أن أكون قد إستفدت و أفدت، و السلام.