كثر الكلام عني في كل جريدة و مقهى و حانة، في كل مكتب و بيت، فلم أجد في هذا الحديث سوى نفاق و سذاجة. فجأت لكم بالحجة الدامغة.
أنا الفساد...لولاي لما كانت حضارة أو إقتصاد أو دولة.
لولاي
لإضطر الكثير من الناس إلى مواجهة عواقب وخيمة: إبتداءا، من مخالفة إشارة
ضوئية، مرورا بالحصول على شهادات أو إمتيازات، وصولا إلى تربح المستوردين و
أصحاب الشركات.
لولاي لمات صغار الموظفين جوعا و ما راكم موسر ثروة.
أبنائي كثر: الرشوة، الريع، الزبونية...
لكل فائدة، فالرشوة تيسر العسير و تقرب البعيد، و الزبونية تجمع العائلات و الأصحاب في وظائف قريبة. أما الريع فهو هديتي لأحبابي ليذوقوا رغد العيش دون جد و كد.
و كما أن الماء في إنسيابه يسلك المسالك الأكثر سهولة، فإن الإنسان اللبيب يسعى لتحقيق مآربه بأسهل طريقة.
أجري في الإنسان مجرى الدم. يقولون أني إبن الشيطان و وريثه، بل أنا إبن الإنسان و حليفه. سلاحي نزواته و شهواته.
أنا الأخطبوط المتربع على أعلى هرم المال و السلطة. أنا تنين التسعة رؤوس، كلما قطع رأس، ظهر إثنين.
أنا كالمنشار الذي يأكل الخشب ذهابا و إيابا.
مهما إجتثت جذوري، تنبت من جديد، كطائر الفينق الأسطوري، يولد من رفاته.
الويل لمن يحاربني! أجند له عباد الدرهم، يمزقونه إرباً، أو يأخدوه و يغلوه، حتى يعود عن مراده.
أنا قضاء الله و قدره، باق في الدنيا حتى تزول. فكما قال سلفكم: يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن. فأنا الفطرة.
فإنظروا في التاريخ هل خفت ناري يوما و هل سلم مني مجتمع.
أجل أنا مغرور! تبا للتواضع.
وأختم بالقول: من لم يستعن بي يوما، فليرمني بالحجرة الأولى، و إذا أردتم سجن أوليائي، أدخلوا كل الناس للسجن.