الأربعاء، أبريل 24، 2013

مدح الفساد

كثر الكلام عني في كل جريدة و مقهى و حانة، في كل مكتب و بيت، فلم أجد في هذا الحديث سوى نفاق و سذاجة. فجأت لكم بالحجة الدامغة. 

أنا الفساد...لولاي لما كانت حضارة أو إقتصاد أو دولة. 


لولاي لإضطر الكثير من الناس إلى مواجهة عواقب وخيمة: إبتداءا، من مخالفة إشارة ضوئية، مرورا بالحصول على شهادات أو إمتيازات، وصولا إلى تربح المستوردين و أصحاب الشركات.
 لولاي لمات صغار الموظفين جوعا و ما راكم موسر ثروة.
  
أبنائي كثر: الرشوة، الريع، الزبونية...
لكل فائدة، فالرشوة تيسر العسير و تقرب البعيد، و الزبونية تجمع العائلات و الأصحاب في وظائف قريبة. أما الريع فهو هديتي لأحبابي ليذوقوا رغد العيش دون جد و كد.

و كما أن الماء في إنسيابه يسلك المسالك الأكثر سهولة، فإن الإنسان اللبيب يسعى لتحقيق مآربه بأسهل طريقة.  
أجري في الإنسان مجرى الدم. يقولون أني إبن الشيطان و وريثه، بل أنا إبن الإنسان و حليفه. سلاحي نزواته و شهواته.

أنا الأخطبوط المتربع على أعلى هرم المال و السلطة. أنا تنين التسعة رؤوس، كلما قطع رأس، ظهر إثنين. 
أنا كالمنشار الذي يأكل الخشب ذهابا و إيابا.
مهما إجتثت جذوري، تنبت من جديد، كطائر الفينق الأسطوري، يولد من رفاته.  
 الويل لمن يحاربني! أجند له عباد الدرهم، يمزقونه إرباً، أو يأخدوه و يغلوه، حتى يعود عن مراده. 

أنا قضاء الله و قدره، باق في الدنيا حتى تزول. فكما قال سلفكم: يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن. فأنا الفطرة.  
فإنظروا في التاريخ هل خفت ناري يوما و هل سلم مني مجتمع.
أجل أنا مغرور! تبا للتواضع.  
وأختم بالقول: من لم يستعن بي يوما، فليرمني بالحجرة الأولى، و إذا أردتم سجن أوليائي، أدخلوا كل الناس للسجن.